اوراق متناثرة

ألف شاعر... لغة واحدة!!
غادة عبد العزيز

اختتم مهرجان دبي العالمي للشعر دورته الأولى والتي استمرت من 4 وحتى 11 مارس 2009.. أقيم المهرجان تحت شعار (ألف شاعر، لغة واحدة) ومن بين طيّات الشعار نستطيع أن نستخلص الكثير. فأهداف المهرجان لا تقتصر على إحياء مكانة الشعر العربي ولفت الأنظار إلى مبدعيه فحسب بل ويسعى لبناء القصيدة والأدب كجسر للتواصل بين ثقافات العالم وشعوبه المختلفة. سيقام المهرجان على خمس سنوات متتالية تهدف إدارتها لاستضافة ألف شاعر (فعلاً لا مجازاً) من بقاع العالم.
شارك في الدورة الأولى نجوم شعرية وكواكب تدور في فلك الشعر من حوالى 40 دولة تتضمّن، بالإضافة إلى الدول العربية، استراليا، كندا والولايات المتحدة. القى القصائد الشاعر النيجيري المعروف (وولي سوينكا)، وهو أول كاتب وشاعر أفريقي يفوز بجائزة نوبل للآداب في العام 1986، وكان حضوراً أيضاً كلٌّ من (تشيريكوري تشيريكوري) من زيمبابوي، (ماثيو سويني) من بريطانيا، (سابا إكرام) من باكستان، و(جوليا كيسينا) من روسيا. أما من السودان، فقد أبدعت شاعرتنا الكبيرة المعروفة روضة الحاج في أولى الأمسيات بالإضافة إلى الأستاذ محيي الدين فالح. كذلك نظّم المهرجان في خلال فعالياته التي استمرت لسبعة أيام من الشعر الراقي، ليلة خاصة للاحتفال بذكرى الشاعر الكبير الراحل محمود درويش والذي ودعنا في 9 أغسطس 2009، تواجد في ليلته أصدقاؤه وألقيت أشعاره.
ولم تقتصر أركان المهرجان على تقديم الشعراء والاستماع لقصائدهم المختلفة، بل شملت أيضاً ندوات تنقد الأشعار وتبيِّن مدى جمالها وذلك لتعميق العلاقة التي تربط ما بين الشاعر والجمهور. أولى الندوات كانت عن: (ترجمة الشعر: مهمة تحفها المخاطر) والتي شارك فيها أستاذة كبار مثل المفكّر والمترجم العراقي الكبير الدكتور عبدالواحد لؤلؤة. أكّد لؤلؤة على صعوبة ترجمة الشعر إلى اللغات الأخرى واستشهد بمقولة الجاحظ الشهيرة والتي قال فيها «إن الشعر لا يُستطاع أن يترجم ولا يحذر عليه النقل، ومتى حُوّل تقطّع نظمه وبطل وزنه وسقط موقع التعجب فيه». وهنالك عدة شروط لا بد وأن تتوافر في المترجم لا تقتصر على إتقان اللغات فقط، بل ومعرفة ثقافات المجتمعات المترجم منها وإليها، بالإضافة إلى تذوّق الشعر وحبه.
ثم تواصلت الندوات لتشمل: (لغة بألف لسان: هاجس الشعر المشترك)، و(فتنة الشعر أم الرواية: إيقاع التحولات والتغيرات)، و(شعر المرأة: أفق يتسع لمزيد من المغامرة). أما أكثر الندوات التي حازت على اهتمامي كانت بعنوان (قصيدة النثر: سقف لإبداع المرحلة)، ذكر المتحدّثون في الندوة أن فن قصيدة النثر موجود منذ أكثر من نصف قرن، لكن النقاش حولها لا يزال حتى اليوم مثيراً. وانحاز محاضرو الندوة ومقدميها للقصيدة النثرية لأنها قصيدة متمرّدة ومواكبة للتحولات الاجتماعية والثقافية المختلفة التي يشهدها العالم.
إن مهرجان دبي الدولي للشعر انطلق كمبادرة من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم. وقد لا يخفى على الجميع مدى ارتباطي العاطفي بالمؤسسة وانجذابي لبرامجها، وكل هذا نابع من إيماني العميق بما تحاول تقديمه من فرص مختلفة للشباب العربي والأفريقي بدون انتظار لمقابل سوى رفعة المنطقة والتعريف بآدابها وثقافاتها. تقديري للمشاركات السودانية التي أتحفت المهرجان والذي خرج بها من المحلية والإقليمية إلى العالميه وأمنياتي بمزيد من الفعاليات التي تدفع عجلة الازدهار قدماً
---
الصحافة