محترم جداً

موضوع: محترم جداً 26/6/2009, 2:34 am

واحد محترم جدا

محمد أفندي عبد المجيد .. رجل عادي .. أنفق نصف عمره في التعليم والنصف الأخر في نسيان هذا التعليم على مكتب الوظيفة ..

لا يثيره إلا شئ واحد في الدنيا.. أن تقول له إن زرار جاكتته مفكوك .. أو شكله غير محترم .. فليس له سوى مثل أعلى واحد .. هو الاحترام !!؟؟

طول عمره وهو يجري خلف هدف واحد هو الاحترام .. دخل كلية الإعلام ليقال أنه جامعي محترم .. والتحق بوظيفة حكومية ثابتة ليقال إنه موظف محترم .. وتزوج في سن مبكرة ليقال أنه زوج محترم .. واختار أصدقائه من كبار الموظفين ليقال إنه إنسان محترم .. ولبس البدلة والكرافتة في سبتمبر ليقال إنه رجل محترم ..

وهو قبل أن يتحدث يفكر قليلا.. لا فيما يريد أن يقوله وإنما فيما يقوله الناس المحترمون عادة في هذه المناسبة أو تلك.. ثم يردده في سعادة.. وهو يفرك يديه وينظر حوله في عيون المستمعين ليجمع منها نظرات الاحترام كما يجمع الفلاح لوزات القطن من حقله ..

يحب زوجته.. وتحبه وتموت فيه زوجته.. و يحتفظ بشكل العلاقة الطيبة المحترمة بينهما حتى يظل محترما ..

لا تستطيع أن تعرف بالضبط ما هو ؟؟ .. لأنه في الغالب ليست له "هو" التي يمتلكها الرجل الحر .. إنه حسب ما ترغب أنت.. لا حسب ما يرغب هو لقد باع شخصيته ليشتري احترام الآخرين .. ولم يفكر لحظة واحدة في مدلول هذا الاحترام.. ولم يناقشه ولم يشك فيه.. فهو قيمة عليا تتضاءل أمامها كل حقيقة حتى حقيقته ..

لقد لقيني اليوم محمد افندي عبد المجيد .. وكان يبدو عليه الاشمئزاز وسألته ما الخبر !؟ .. فقال في تقزز: جيل ملعون .. تصوّر خادمتنا الصغيرة الأندونيسية الجميلة التي لا تتجاوز السادسة عشرة اكتشفت اليوم إنها حامل .. وتقول لي إنها حامل من ابني عويس .. الكذابة بنت الـ ..... أهذا معقول؟.. ابني عويس يفعل هذا ؟.. ابني المتربي الذي نشأ في عائلة محترمة .. فقلت له في هدوء: هذا لا يحدث إلا في العائلات المحترمة كعائلتك.. إنها عائلات مصابة بالإمساك المزمن ومن المألوف أن تصاب بانفجار في المصران في أحد الأيام .. قال لي: ما هذا الهراء الذي تقوله ؟ قلت: أنا أقول الحقيقة.. وماذا فعلت في الخادمة الضعيفة ؟ قال:- طردتها طبعا.. وهل يعقل أن أعيش مع هذا الوباء .. !!؟؟ وكان يبدو أنه لا يريد أن يستمع إلى المزيد من تعليقاتي .. كنت في نظره نوعا أخر من الوباء لا يُستحب السير معه .. ومضى في طريقه ومضيت في طريقي .. ولكنني ظللت أفكر فيه .............

إنه ذاهب لينام مع امرأة يحبها و تحبه.. يفعل ذلك في مقابل احترامي .. وزوجته تفعل هذا عشقا فيه و في مقابل ثلاث وجبات ومصروف يد.. وفي مقابل احترام أيضا .. والابن الذي ظل يأكل الاحترام ويشرب الاحترام عشرين عاما.. تقيأ هذا الاحترام دفعة واحدة في مقابل لحظة مع الخادمة الأندونيسية الضعيفة .. وربما كانت هذه الخادمة هي ضحية الكل .. فقدت عملها.. وعذريتها.. وربما حياتها في حمل مجهول المصير.. وكل هذا بلا مقابل .. حتى الاحترام فقدته إلى الأبد.. حتى الذكرى أصبح لها اسم بغيض .. هي في نظري أتعس الكل لأنها الضريبة المدفوعة عن كل خطايانا .. إنها الزنا الصغير الذي يستر الزنا الكبير الذي يجري في البيوت.. والنفاق الأكبر الذي يجري في المجتمعات باسم الاحترام .. إن محمد أفندي عبد المجيد منافق كبير مهما لبس من أقنعة محترمة .. وابنه عويس فاسق تافه حقير يحمل من الإثم أكثر مما تحمل الخادمة البائسة الضعيفة التي وقع عليها وزر المجتمع ...

آهـ يا مجتمع آهـ ....